مؤتمر القمة العالمي للإبتكار في التعليم "وايز" 2013

الدوحة, 29 أكتوبر 2013

السيدات والسادة..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أرحبُ بكم بالدوحة وأنتم تشاركونَ في الدورةِ الخامسةِ لمؤتمرِ القمةِ العالمي للابتكارِ في التعليم، وأحيّي تصميمَكم على متابعةِ ما انتهيتم إليه في دوارتٍ سابقة ومواصلةِ التصدي لمختلف قضايا التعليم من خلالِ آلياتِ الابتكار.

ومع مرورِ خمسةِ أعوام، يبدو لي وايز وقد بلَغَ مرحلةَ النضج وأصبحَ انعقادُهُ السنوي موعداً منتظراً لما يعنيه من أهميةٍ عالميةٍ في سياقِ الجهودِ الكبيرةِ والصادقة التي تُبذلُ وتكبَرُ عاماً بعد آخر لاستدامةِ الابتكارِ في التعليم.

إنّ العلاقةَ بين التعليمِ والحياة، التي يتناولُها المؤتمرُ هذا العام، تُـلهِمُنا الكثير، فما أنْ يُشرِقَ التعليمُ حتى تشرقَ الحياة، وإذا ما انطفئَ انطفأتْ. فلا شيءَ كالتعليم أكثر التصاقاً بالحياة ولا شيءَ أكثر من التعليم في قدرتهِ على التأثيرِ والتغيير. ولعلَّ عالمَ الاجتماعِ والمفكِّرَ الفرنسي البروفيسور إدغار مورين الذي يحضر هذا المؤتمر، أبلغُ مَنْ يستطيعُ التحدّث عن العلاقةِ بين التعليمِ والحياة.

وإنّ متطلباتِ الحياةِ المعاصرة بمختلفِ تعقيداتِها، بما هيَ عليه من سرعةٍ وجديّةٍ وديمومة، تقتضي من التعليمِ مواكبةً دائمةً وسريعةً وجديّة. ولهذا باتَ من البداهَةِ إدراكُ أن معاييرَ التعليم هي التي تحدّدُ معيارَ التقدمِ في مجتمعٍ ما أو بلدٍ ما، مثلما يشيرُ تخلّفُ التعليم، بالتداعي المنطقي، إلى تخلّفِ المجتمعِ والدولة.

وهذا يكرّسُ السؤالَ الراهن: ما جدوى التعليمِ إن لم يكنْ مرتبطاً بالحياةِ، مرادفاً لحاجاتِها وسبّاقاً إلى ضروراتِ تطورِها؟ فهل نَدَعُ أسئلةَ الحياةِ المتجددة تسبقُ أجوبةَ التعليم؟ 

أعتقدُ أنّ من المفترض أن يضعَ التعليمُ إجاباتٍ استباقيةً لأسئلةِ الحياةِ المحتملة.

وعليه، فإنَّ من غيرِ المقبول أنْ يتخلفَ التعليمُ عن شروطِ الحياة، كما أنَّ ما نطمحُ إليه جميعاً أبعدُ من مواكبةِ التعليمِ للحياةِ فحسْبْ، بل إنّ بنا توقاً ليكونَ التعليمُ جَهداً استباقياً يغرسُ مقارباتِهِ في فضاءاتِ المستقبل، يهيّئُ لمواجهةِ التحدياتِ التي ما انفكّتْ تبرزُ بين حينٍ وآخر.
ولا ريب أن عملاً من هذا النوع يستلزمُ اشتغالاً مبتَـكَراً لإنجازِهِ. وكما تبتكرُ الحياةُ كلَّ يومٍ أسئلةً جديدةً 

وتحدياتٍ جديدة ومشاكلَ جديدة، يتعيّنُ علينا أن نبرَع في ابتكارِ الحلول. ولأنَّ التعليمَ هو كنزُ الحلول، 

فلنذهبْ معاً بكلِّ قدراتِنا للابتكارِ في مجال التعليم.وإذا ما توافرتْ الإرادةُ والجديّةُ والاستعدادُ لننهجَ معاً هذا النهج، سنعثرُ وقتَها على الشفراتِ اللازمةِ التي ستمكّـنُـنا من اختراقِ مشاكلَ كونيةٍ مستعصية. 

سيداتي وسادتي..أنتم ونحنُ.. يلتئمُ جمعُنا سنوياً في وايز لنبتكرَ الحلولَ الكفيلةَ بالارتقاء بالتعليمِ وتعميمِهِ.. لكي يُصبحَ الابتكارُ سياقاً جوهرياً للرؤيةِ التعليمية. 

إنّ أمامَنا تحدياتٍ كبيرةً.. وينتظرُنا عملٌ كبيرٌ لننجزَهُ.. ولن يتسنّى لنا تحقيقُهُ بعيداً عن روحِ وايز.. أعني: الابتكار في التعليم.. وعندما نبتكرُ في التعليم فإنمّا نبتكرُ في جميعِ المجالاتِ الأخرى التي تتأثرُ، بالضرورة، بأحوالِ التعليم. وإذا كان التعليمُ يبدو خلال المناقشاتِ وكأنه هدفٌ بذاتهِ فإنه بلا ريب وسيلةٌ، والابتكارُ فيه وسيلةٌ أيضاً نحو هدفٍ أكبر. ولكي يصبح الابتكارُ نمطاً في التعليم، ولكي نعزّز التعليم باعتبارهِ البيئةَ الأساسيةَ المنتجة لعناصر الابتكار، ولكي يسبقَ التعليمُ الحياةَ، أو في الأقل يتسابقُ معها نحو المستقبل، لكل هذا: نلتقي جميعاً في وايز.

أحيّي حضورَكم.. 

وأتمنى لأعمالِ مؤتمرِكم نجاحاً دائماً.

شكراً لكم..
والسلام عليكم.