حفل تخريج طلبة المدينة التعليمية 2010

الدوحة, 04 مايو 2010

بناتي الخريجات، أبنائي الخريجون،،،

حضرات السيدات والسادة،،،

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،،

نحتفي اليوم بتخريج الفوج الثالث من صرح المدينة التعليمية.

لقد مرت سنة منذ لقائنا بهذا المكان في مناسبة مماثلة، وبتواتر مدى هذه المناسبات يزداد أملنا في بلوغ غاية استكمال تصنيع وتشكيل صمام الأمان لمجتمعنا أولاً وللمجتمع الإنساني على العموم.

تلك هي القيمة التي أنظر بها للخريجة والخريج، هما معاً صمام أمان لأنهما سبيلنا إلى التغيير، ذخرنا للمستقبل، عدتنا ورهاننا لبناء مجتمع محلي وكوني آمن متآخ ومتقدم.

بناتي الخريجات أبنائي الخريجون،،

حضرات السيدات والسادة،،

لقد سبق لي في عدة مناسبات أن تطرقت إلى موضوع أهمية البحث العلمي كأحد مكونات تشكيل وبناء قدراتنا البشرية.

واليوم أجدد التأكيد بأن أمامنا فرصاً كبيرة علينا اغتنامها على مستوى تطوير منظومتنا البحثية لتكون بحق سبيلنا إلى ولوج هذه الألفية بكل جدارة واحتلال المكانة التي تليق بمن جعل التعليم والبحث العلمي غايته المطلقة.

وأود هنا بصفة خاصة أن أخاطب ناشئتنا في جميع المراحل التعليمية، فأقول إن أمامكم فرصة ذهبية للاستفادة مما خططه قائد مسيرتنا حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى بالنسبة لبناء وتوطيد ثقافة وطنية للبحث العلمي تنبع من المجتمع ، تلبي احتياجاته، تستفيد من الخبرة الدولية ولا تكتفي بإستيرادها فقط.

وتجسيداً لهذه الارادة جاء تخصيص 2.8% من الناتج القومي المحلي ليؤكد رؤية صاحب السمو المتمثلة في تمكين البحث العلمي من الموارد المالية الضرورية بصرف النظر عن التقلبات المحتملة لأسعار صادراتنا من المواد الخام.

ولذلك أؤكد بأنها فرصة ذهبية لأن نجاح أي مشروع للبحث العلمي يتطلب أولاً الارادة السياسية وهي موجودة، ويقتضي الدعم المادي، وهو واضح، ويستلزم حسن التنظيم وهذا بالذات ما دعا إلى تأسيس "صندوق قطر للبحث العلمي" الذي منذ سنة 2006 قدم 540 منحة بحثية لفائدة مؤسسات وطنية وأخرى دولية مثلت 30 % من مجموع تلك المنح.

وبموازاة مع بناء وتعزيز هذه الثقافة التي يجب أن تكون جزءً من حياتنا، علينا ونحن نقدر دلالة انتمائنا إلى جوارنا الخليجي، ومحيطنا العربي أن نستثمر وبكل كفاءة المناخ السائد على مستوى تطوير منظومة البحث العلمي لتعزيز شبكات التكامل والتعاون بين كافة المراكز العلمية المختصة، وأن نحرص على الاستفادة المثلى من تكامل التجارب والخبرات.

وعلى مستوى آخر علينا أن نواصل الجهد دون كلل أو ملل، لتكون قطر واحة جاذبة للكفاءات البحثية من خلال ما توفره البنى التحتية المتاحة ومناخ الحرية وتشجيع الابتكار والابداع من فرص.

وفي هذا السياق ، كانت مبادرتنا مع العلماء العرب المغتربين مع ماتحمله من دلالات قومية فرصة لإطلاق هياكل بحثية، لعل مراكزنا الوطنية الثلاثة خير دليل عليها.

ولذلك فإنني أجدد الالتزام الشخصي بمتابعة الجهد لتحقيق أهداف مراكز قطر البحثية الثلاثة في مجالات العلوم الحيوية والبيئية وتكنولوجيا المعلومات باعتبارها حاضناً للجهد البحثي الوطني وقاطرته إلى التنمية المستدامة.

ولأن طموحنا كبير وسقف توقعاتنا لمؤسسة قطر عالِ، فإننا لا نألوا جهداً للمضي قدماً في تطوير هياكل هذه المؤسسة انسجاماً مع مطلب الجودة الذي هو رهاننا الاستراتيجي.

ومن هذا المنطلق، فقد آن الأوان للشروع في انجاز مرحلة متطورة لعمل هذا المشروع الوطني الهام بعد أن نضجت كل أسباب ضمان نجاح هذه المرحلة.

إن وجود هذه المراكز الجامعية النوعية والرائدة قد اقتضى إيجاد اطار للتعاون والتكامل مع تلك الجامعات بما يوفر فرصة فريدة لبلورة نموذج المدينة التعليمية التي تتكامل كفاءات وقدرات مواردها البشرية وتتضامن لأجل اثراء التجربة الاكاديمية والفكرية لطلبة تلك المراكز.

كما أن هدفنا هو توسيع مدى فرص التعاون والتكامل بين أعضاء هيئة التدريس والبحث في مختلف مجالات البحوث المشتركة بما يتناغم واستراتيجيتنا الوطنية وينسجم مع حسن توظيف وترشيد الامكانات المتاحة.

وتحقيقاً لذلك، فقد استقر الرأي على استحداث نموذج جديد إنه جامعة المدينة التعليمية التي بها نؤكد بأن سعينا نحو التجديد البناء والمثمر لن يتوقف أبداً.

وانسجاماً مع هذا المسعى الوطني فإنني أثمن دور مجتمعنا القطري ومؤسساته في دعم مثل هذا التوجه من خلال إبراز مؤهلاتنا الحضارية والتعريف بها داخل قطر وعبر العالم.

اليوم أنا سعيدة بأن أزف للجميع انضمام مركز اسهامات المسلمين في الحضارة إلى مؤسسة قطر تحت مظلة كلية الدراسات الاسلامية.

وقد تقرر أن يطلق على هذا المركز اسم ( مركز محمد بن حمد آل ثاني ) اعترافاً لدور الشيخ محمد في تأسيس هذا المركز ودعمه الحثيث لينهض بمهامه في مجال ترجمة أمهات المصادر الاسلامية إلى اللغة الانجليزية لتعريف الآخر بمقومات حضارتنا الخالدة وتوظيف ذلك للإسهام في بناء صرحنا الحضاري المعاصر.

بناتي الخريجات أبنائي الخريجون،،،

أنتم من يشكل رأسمالنا البشري، تلك الطاقة المتجددة التي نحن على يقين بأن معينها لا ينضب ومددها لا ينقطع متى أحسنا استثمارها وتوظيفها.

وهنا يأتي دور ارتباط الخريج بمؤسسته، يغذيها بخبرته المكتسبة من خلال مواجهته للصعوبات والتحديات.

إن هذه العودة المتكررة والمستدامة للخريج إلى مؤسسته التعليمية ضرورية للتزود بالأدوات المستجدة لمواجهة تلك التحديات.

هكذا يكون الخريج وتكون الخريجة جسر تواصل بين سوق العمل وتحدياته وبين الكلية أو المركز التعليمي.

بهذه الدينامية التي يجب أن تكون مقننة وليس ردة فعل، نتغلب على الرتابة التي هي العدو الأساس للابداع والابتكار.

أنتم بناتي الخريجات وأبنائي الخريجون من تناط به هذه المهمة، أنتم مهندسوها ومنجزوها.

هذه هي رسالة المدينة التعليمية، هذا الفضاء الذي أراده مؤسسه صاحب السمو أمير البلاد المفدى فضاءً رحباً يحافظ لمجتمعنا بكل اصرار وعزيمة على هويته وقيمه، يؤمن بفضيلة التنوع والاحترام المتبادل، يصنع الابداع ويحتضن الثقافات الانسانية الايجابية والبناءة.

إن فضاءً بهذه المواصفات هو إضافة نوعية تسهم بها قطر في بناء الأجيال وتقارب الثقافات والحضارات.

مواصفات من نوع خاص، بقيمة نوعية خاصة لأن من يصنع نسيجها بإبداع متجدد هم أنتم خريجات وخريجون.

إنه فعلاً مصدر اعتزاز أن تُعرف قطر بإبداعات ابنائها وبمهاراتهم وبأفكارهم بقدر ما تعرف بمؤهلاتها الطبيعية والاجتماعية والثقافية.

أليس هذا أكبر تكريم تستحقونه في التخرج ويستحقه وطنكم بكم، إنه تكريم لقيمة الانسان ومكانته.

لذلك فقطر فخورة بكم، فخورة بإنجازاتكم التعليمية، وستكون أكثر فخراً وزهواً وهي تعيش اسهاماتكم في حياتكم العملية خارج هذا الصرح أو داخله تشيدون مجدها وتعززون مكانتها.