الحدث الجانبي لمجلس الأمن حول موضوع الاعتداءات على المدارس والمستشفيات أثناء الصراعات المسلحة

نيويورك, 30 يونيو 2011

السيد الأمين العام،،، 

لعلكم تعلمون أن حمايةَ الحقِ في التعليم في أوقات الصراع هي إحدى أعلى أولوياتي. أؤمن أن التعليمَ ليس ترفاً لأن الحقَ في التعليم هو الحقُ في أن يكون للإنسان مستقبلٌ.

الانتقاص من هذا الحق إمعانٌ في الظلمِ لأن ضياع الحق في التعليم بسبب الصراع يوسع دائرة تداعيات الصراع لتطالَ تكلفتُهُ الجيلَ الآتي.

ضياعُ التعليم يعني فرصةً ضاعت إلى الأبد، ضاعت على أطفال أصبح الفقر والجهل قدرَهُم المحتومَ وعلى أمم سُرِق منها الأمل في غدٍ أفضل.

السيدات والسادة، أعضاء مجلس الأمن ،،، 

يقدّم الأمين العام في تقريره السنوي حول الأطفال والصراعات المسلحة أدلّةً موثّقةَ عن وجود تَوَجُّهٍ متزايدٍ في التدمير المباشر والمادي للمدارس وإغلاقِها نتيجة للتهديد والترهيب واحتلالِها عسكرياً واستخدام المدارس معاقلاً لتجنيد عناصر تحارب في الصراعات المسلحة التي تنشب عبر العالم.

جميعاً يعرف هذه الحقائق لكن العلم بالشيء يختلف عن استيعابه. هل نفهم حقاً حجم المشكلة التي نواجهها اليوم حين يعيش إثنان وأربعون بالمائة (42%) من الأطفال الذين لا يواظبون على الدوام في المدارس في البلدان التي تعاني من الصراعات المسلحة؟ 

هل نعي حقاً أن هؤلاء الأطفال سيدفعون ثمناً باهظاً كل حياتهم عن جرائم ارتكبها آخرون، جرائمَ يجعلُها صمتُنا حتماً أكثر فداحة؟

إنها لجريمةٌ حقاً أن نحرمَ طفلاً من فرصة التعليم. الأسئلة المطروحة علينا بسيطةٌ وصريحة: إلى أي مدى نحن جادون في التزامنا بقرارات حقوق الإنسان؟ إلى أي مدى نحن ملتزمون بحمل الآخرين على العمل بموجب هذه القرارات؟ وأخيراً، ما هي الإجراءات التي يمكن أن نتخذها لنثبت أننا ندرك حقاً خطورة المشكلة ولنعالجها؟

السادة أعضاء المجلس،،

خلال السنوات الماضية، ركز المجلس اهتمامه على حماية الأطفال خلال الصراعات المسلحة. 

إننا جميعاً متفقون على أن التعليم هو حق أساسي من حقوق الإنسان وأن الهجمات على المدارس والطلاب والمعلمين هي مسائل تمسُّ حقوق الإنسان. هذه الهجمات تنتهك القانون الدولي ولقد سبق وأن تناولها المجلس في قراراته. ومع التسليم بأن عمل المجلس في التصدي لتلك المشاكل كان حاسماً، إلا أن الوقت قد حان ليتخذ المجلس خطوات إضافية. 

ففي عام 2005 اعتمد المجلس آلية الرصد والإبلاغ لضمان الإبلاغ عن ستٍ من أخطر الانتهاكات لحقوق الإنسان أثناء الصراعات. وبعد أربع سنوات، اتخذ المجلس خطوة هامة أخرى حين اعتمد قراراً يقضي بتوسيع نطاقِ الآليةِ المُوْجِبَةِ لتطبيق آلية الرصد والإبلاغ لتشمل قتل الأطفال وتشويهم واغتصابهم وارتكاب العنف الجنسي بحقهم. إننا بحاجة إلى استخدام تلك القرارات منطلقاً لتعزيز آلية الرصد والإبلاغ ولضمان عدم السكوت عن الهجمات التي تشن ضد المدارس.

ولتحقيق ذلك، علينا أن نضمن أن الهجمات التي تشن ضد المدارس ستعتبر حُكْماً من الآليات الموجِبَةِ لإدراج الأطراف التي تنتهك حقوق الإنسان في قوائم المنتهكين. كما ولابد أن نضيف إلى قوائم موجبات التطبيق هؤلاء الذين يرتهنون المدارس في الصراعات العسكرية من خلال احتلالها أو تدميرها أو ممارسة الترهيب ضدها.

هذا هو سبب وجودنا هنا اليوم: أتينا لاتخاذ إجراءٍ من أجل وقف الانتهاكات التي تستهدف الأطفال ومساءلة مرتكبي تلك الانتهاكات عماَّ اقترفوه.

السيدات والسادة ،،، 

لقد قرأنا باهتمام وجزع تقريرَ الأمين العام، وعلى الرغم من كل ما أُنجزّ حتى اليوم، تتزايد الهجمات على المدارس والطلاب والمدرسين.

وأنا على يقين أنكم تتفقون معي على وجوب عدم استمرار تلك الانتهاكات دون عقاب. نحتاج أن نرسل للجميع وخاصة لتلك الدول المتورطة في الصراعات – رسالة واضحة مفادها أننا جادَّون في التزامنا بحماية الحق في التعليم.

ستسمح لنا الأيام المقبلة أن نتخذ الخطوات الملموسة التالية: 

أولاً: باعتبارنا للهجمات على المدارس والمستشفيات دواعٍ موجبةٍ لإدراج مرتكبي تلك الانتهاكات في تقرير الأمين العام حول الأطفال والصراعات المسلحة نكون قد أسهمنا في زيادة وعي الأسرة الدولية بهذه القضية. كما ونرسل بهذه الطريقة أيضاً رسالةً بالغةَ الأهميةِ مفادُها أن مجلس الأمن يعتبر أن الهجمات على التعليم تتساوى في أهميتها مع الانتهاكات الأخرى التي ترتكب بحق الأطفال.

ثانياً: يجب أنْ نضمنَ أنَّ آلية الرصد والإبلاغ سترصد الهجمات ضد الأطفال بما في ذلك الهجمات ضد الطلاب أو العاملين في سلك التدريس بشكل منهجي وشامل. والهدف من هذا الرصد هو أن نثبت أن المجلسَ عازمٌ على أن لا يسمح لهذه الأعمال الإجرامية أن تمر من دون عقاب.

ثالثاً: يجب أن نصرَّ على خطط عمل ذات آجال زمنية محددة تتضمن التزامات بوقف الهجمات على المدارس بما فيها الهجمات على الأطفال أو العاملين في سلك التدريس.

وأخيراً يجب أن نطالب جميع الأطراف بالامتناع عن اتخاذ أيةِ إجراءاتٍ من شأنها أن تعيق التعليم بما في ذلك استخدام المدارس لأغراض عسكرية.

إن حرمان الأطفال من الحق في التعليم والحق في متابعة تعليمهم في جوٍ من الأمن يعني حرمانهم من الحق في مستقبل واعد. وأنا على يقين من أنكم تدركون هذه المشكلة وستصوتون على هذا الأساس.

السادة أعضاء المجلس ،،، 

إن أمامكم فرصةً هائلة لإنقاذ الأطفال من هجمات تشن عليهم ولِمَدِّ جسرٍ آمنٍ يَعبُرونَ عليه إلى مستقبلٍ رَحِبٍ. إن في أيدكم السلطة، وأحثكم على أن تستخدموها.

وشـكراً