حفل تكريم الاعضاء السابقين لمجلس ادارة مؤسسة قطر

الدوحة, 07 مارس 2012

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أكثر من خمسة عشر سنة مضت منذ أن انطلق المشروع الذي بدأ بالبورتا كابن المتواضع الذي شاهدناه على الشاشة منذ قليل. 

هذا البورتا كابن كان علاجاً عاجلاً لمشكلة إستشعرتها أنا كأم أرادت أن توفر لأبنائها تعليماً نوعياً متميزاً، ذا قاعدة متجذرة في إرث عريق، وأفرع ممتدة في كل الإتجاهات، ينهل من ينابيع المعرفة شرقاً كانت أم غرباً.

وما أن بدأتُ التفكيرَ بذلك وشرعتُ ببعض الإجراءات وجدتُ أن الأمرَ قضيةٌ اجتماعية عامة تقتضي حلولاً شاملة. 

ومن هناك عملتُ، بصفتي حرم سمو ولي العهد انذاك وأماً لكل الأبناء في قطر بما سعيتُ به لأبنائي.

في ذلك الوقت، لم تكن لدي الخبرة ولا المعرفة في كيفية تحقيق ذلك.

لجأت إلى زوجي العزيز أطلب العون وأسأله، فأرشدني إلى عبدالله بن خليفة العطية حتى يساعد في مشروع المدرسة.

لكن عبدالله ولإلتزاماته العديدة في ذلك الوقت إنشغل عن المشروع.

فعدت مرة أخرى إلى الزوج طلباً للنصح والإرشاد، فأرشدني إلى شخص آخر، لن أذكر اسمه لعدم تواجده معنا، علمت فيما بعد أنه إنشغل عنا بشراء مدرسة خاصة وعكف على تطويرها.

وكانت الثالثة ثابتة كما يقال عندنا، حين قدم لي سموه الدكتور سيف الحجري الذي لم يأل جهداً في تقديم المساعدة والعون وبذل قصارى جهده لإنجاح المشروع.

ولكن هنا تعلمت درساً مهماً، وهو الأخذ بزمام الأمور والمبادرة بالقيادة. 

فتم تشكيل فريق عمل مكون من الدكتور سيف الحجري، والسيد شاي، وسعد المهندي ثم انضمت الدكتورة شيخة المسند لاحقاً للمشروع.

نجحنا في إنشاء المدرسة، وتأسست بعدها مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع لتضم تحت مظلتها عدة مشاريع جامعية، أكاديمية وبحثية، بالإضافة لمشاريع إجتماعية وصحية رائدة.

أحياناً يوصف هذا المشروع النهضوي بالحلم، وأحياناً أخرى بالمغامرة التي لاتؤتي ثماراً، ولكن صاحب السمو كان ولايزال يعتقد جازماً أن الإستثمار لأجل بناء الإنسان القطري هو دائماً ربح للحاضر والمستقبل.

وأن مؤسسة قطر كما يراها سموه أداة ووسيلة لإحداث التغيير ولخلق نماذج تجسد هذا التغيير وتقوده.

فالتعليم النوعي الذي إعتمدته المؤسسة لا يتوقف فقط عند إنشاء مؤسسات متميزة وخلق شراكات مع منظمات عالمية ولكنه يهدف إلى أن يوسع هذه الشراكات لتتفاعل مع حاجات وتطلعات المجتمع.

وقد لايخفى عليكم كيف أن المؤسسة قد فرضت حراكاً تربوياً وطنياً تمثل في تطوير نظام التعليم العام وتحديث جامعة قطر.

وأصبح التعليم النوعي هو الميزة التي ينعم بها كل من يعيش على هذه الأرض المباركة دون الاضطرار للسفر إلى هنا أو هناك ليحظى بهذا المستوى من التعليم.

وها نحن نشهد كيف أطلقت مؤسسة قطر قدرات الإنسان القطري الذي أصبح جزءاً أساساً في بناء مجتمع المعرفة، فضلاً عن دعمها للمواهب والابداع والابتكار في جميع المجالات، فعززت بذلك من ثقة الإنسان القطري في ذاته أولاً وفي مجتمعه ووطنه ثانياً.

لذلك لا نستغرب أبداً إذا أصبحت قطر تعرف بمؤسستها أكثر من أن تعرف ببترولها وغازها.

هذه هي الرؤية التي وضعها صاحب السمو، وأقولها بكل صراحة لم ندركها في تجلياتها سنة 1995، واليوم نلمسها ونقيسها بعد أن تحول الحلم إلى حقيقة.

الآن ندرك بأن انشاء المؤسسة كان استباقاً للمستقبل واستعداداً لرهاناته.

السيدات والسادة،،

هذا المساء نحتفي بكوكبة ساهمت مع غيرها في ترجمة الرؤية إلى أهداف وبرامج. فلها منا جميعاً كل الشكر والثناء.

بدءاً أشكر سيدي عرّاب مؤسسة قطر، صاحب السمو أمير البلاد الذي لم يألُ جهداً في التوجيه والدعم المتواصلين.

كما أريد أن أشكركم أنتم الكرام الأعزاء: الرعيل الأول الذي خطا بمؤسسة قطر خطواتِها الأولى نحو ميادين الإنجازات والتميّز. 

إن قطرَ لن تنسى إسهامكم الكبير في وضع أسس نهضتها الحديثة.

وأعلم أن دوركم، بكل وهجِ السنواتِ التي عَمِلنا فيها معاً،أكبرُ من أيِّ تكريم.. عملتم فأوفيتم.. وكُلِّفتم فأبدعتم..

شكراً لكم..لأنكم ساهمتم في التأسيس لجيل قطري جديد يفتخر بإكمال مسيرتكم.. 

لقد حرصنا أن يكون أعضاء مجلس الأمناء الجدد من جيل جديد نثق به وبقدراته، إنه كما يروق لي تسميته، جيل مؤسسة قطر.

وعلى أساس هذه الثقة نريد لهذا الجيل أن يأخذ المؤسسة إلى مرحلة جديدة في مراحل تطورها حسب ما يتوافق مع رؤيته للمستقبل ومتطلباته،مع الحفاظ على روح الإقدام والابتكار والمرونة، التي أصبحت من أهم سمات هذه المؤسسة.

أشكركم على ما قدمتموه وما ستقدمونه وأتمنى لمؤسستنا كل التقدم والازدهار.