اطلاق الإستراتيجية الوطنية للصحة

الدوحة, 03 أبريل 2011

حضرات السيدات والسادة،،،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تغمرني سعادة كبيرة ونحن نشرع معاً اليوم في تنفيذ أحد أهم أسس إستراتيجيتنا الوطنية للتنمية، التي رعاها حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى وأطلقها سمو ولي عهده الأمين.

 

إن أهمية اطلاق الإستراتيجية الوطنية للصحة تكمن في أنه ولأول مرة سيكون بإمكاننا أن نقيم ونتحقق من نجاعة الخطط والبرامج الطبية من خلال مؤشرات علمية يمكن رصدها وتحليلها مقابل الأهداف التي صاغتها وحددتها الإستراتيجية الوطنية للصحة.

التخطيط الصحي الذي نطمح إليه لا يقتصر على الوقاية من الأمراض، والتخطيط لتوفير الاحتياجات، وتطوير البنى التحتية البشرية والمادية فحسب وإنما التخطيط كسبيل لحشد كافة الجهود لجعل مؤسساتنا الصحية مؤسسات تعليمية بحثية حديثة لا تتعامل مع الدواء فقط ولكنها تبحث في تطويره وتصنيعه.

مؤسسات تلعب دوراً حيوياً كمشارك في خارطة البحوث الإقليمية والعالمية.وترتكز في ذلك على ثلاث ركائز أساسية،أعتقد أنه من الضروري والأكيد أن تؤخذ بعين الاعتبار.

أولاها، خصوصية بنياننا الديموغرافي الفريد،والذي يشكل قاعدة مناسبة للبحوث الطبية الحيوية المرتبطة بالتركيب الوراثي والذي يعتبر أساساً لإنجازات العلوم الطبية في المستقبل.

أما الركيزة الثانية، فتتمثل في توفير الدعائم الأساسية لتمويل وتنفيذ مشاريع البحث العلمي من خلال المراكز الصحية المتخصصة معتمدين على منهجية الوقف التي أخذنا بها منذ مدةٍ لضمان استدامة انجاز المشاريع.

وأخيراً وليس آخراً، 
إيماني الراسخ بأن أي تغيير في هذا المجال الحيوي لا يتحقق إلا بوجود إرادة وطنية حقيقية.
هذه الإرادة تتكون من عنصرين:

إرادة سياسية وهذه لا غبار عليها، حيث أن قطاع الصحة هو أحد مكونات رؤية قطر 2030، غير أن هذه الإرادة السياسية تحتاج إلى شيء آخر لا يقل أهمية وهو انخراط كافة الفاعلين الوطنيين في تحقيق أهدافها إدارياً وإجرائياً.

وهذا هو الشق الثاني من هذه المعادلة الصعبة.لهذا السبب بالذات، أنشأ أمير البلاد المفدى المجلس الأعلى للصحة، ووكلت إليه مهمة مأسسة الحقل الصحي من حيث التخطيط لبرامج الصحة العامة والرعاية الصحية في الحاضر والمستقبل.

وعليه، فإننا جميعاً اليوم لا نعلن عن اطلاق الاستراتيجية الوطنية للصحة فحسب، وإنما لنؤكد إلتزامنا بإعتماد خارطة طريق لتحقيق الأهداف السبعة التي وضعها المجلس الأعلى للصحة كسبيل للاستجابة لكافة أولويات احتياجات مجتمعنا الصحية.

لقد اعتمدنا منهجية تقوم على اندماج وتكامل الأهداف السبعة للمنظومة الصحية وتوظيف ذلك توظيفاً علمياً وعملياً محققاً للأغراض.

فمنظومتنا الصحية يجب أن تكون منفتحة على البنية الصحية العالميةمن حيث التطوير المستمر. لكن تلك المنظومة عليها أيضاً أن تعزز البحث العلمي التخصصي القطاعي.
ففي حالة مرض السرطان على سبيل المثال إذا ما انطلقنا من إستراتيجيتنا الوطنية في هذا المجال، ماذا نلاحظ؟

نلاحظ بأن التعاطي مع هذا الملف الهام يقوم على اعتماد منظومة متكاملة، شاملة ومتسقة، لا تتوقف فقط عند مستوى التنسيق لتقديم أفضل الرعاية الصحية المطلوبة للمريض،ولا التشخيص المبكر للمرض، بل يتعدى هذا كله ليساهم في الأبحاث السريرية والطبية التي من شأنها تقديم حلول تسمح بمحاصرة المرض والتحكم في وتيرة انتشاره ومن ثم اجتثاثه.

إذن من الآن وإلى عام 2016، أمامنا مجموعة من الخطوات الأساسية التي علينا احترامها والعمل بمقتضاها.علينا أولاً وقبل كل شيء، أن نحرص ألا يكون التخطيط الاستراتيجي شعاراً على الورق، بل يترجم إلى خطط وبرامج علمية و عملية.

لكن من ناحية أخرى، التخطيط الاستراتيجي يتطلب الحوكمة الجيدة كأداة للتدبير، يتطلب القيادة الخبيرة والمبتكرة، يحتاج إلى التحفيز، وأيضاً إعتماد المعايير العالمية التي تجعل المواطن في نهاية المطاف على قناعة بجودة الخدمات الصحية المقدمة له.

تلك الخدمات التي لا تقل جودة عن مثيلاتها التي قد يحظى بها خارج الوطن. وتلكم هي ثقافة المواطنة الصحية كما ننشدها وعلينا العمل على تحقيقها.هذا المطلب يقتضي التخطيط الجيد والاستثمار في البنية التحتية البشرية والمادية.

هذا هو الرهان الحقيقي الذي على استراتيجيتنا الوطنية للصحة أن تستوعبه، علينا أن ننجح في امتحانه كما نجحنا في امتحانات أخرى.

ونتمنى من الله العلي القدير بأن يوفقنا في هذه المسيرة.

أشكركم،،