الاجتماع الاستراتيجي لبرنامج " علم طفلاً" بشأن تكثيف الجهود للوصول الى الأطفال الغير ملتحقين بالمدارس

جنيف, 01 مارس 2013

سعادة الأمين العام... أعضاء اللجنة الأجلاء.. الحضور الكريم.. 

إنه لمن دواعي سروري أن أكون هنا اليوم، لمقاربة دور الحق بالتعليم في التنمية. 

ولا شكَّ أن التحدي قائمٌ أمام الأمين العام في سعيه إلى إتفاق كوني حول رؤية محددة لمستقبل مستدام. وإنه لضخمٌ حجم هذه المهمة. ولكن حجم المشاكل التي يعاني منها عالمنا اليوم ضخمةٌ أيضاً. ويمكن لنقاشنا أن يمثّل مساهمة قيّمة في هذه العملية. 

ولسنا لنبدأ من الصفر.. فالأهداف الإنمائية للألفية لا تزال عملاً غير منجز ويتعين علينا استكماله.

يجب أن نبني على وضوح هذه الأهداف، وعلى قابليتها المعيارية. ويتعين علينا استخدامها كمنصة نحو الاستدامة الحقيقية. كما يجب أن نجعل الأهداف الإنمائية قابلة للتنفيذ، متساوية وعالمية من خلال اعتمادها لمبادئ حقوق الإنسان بشكل جلي. فقد توافرت لهذه الحقوق، المنصوص عليها في الإعلان العالمي ، طوال ستين عاما ً، على قوةِ ردعٍ للمخالفين محترمةٍ وذات مصداقية. وإنّ تعزيز بُعد حقوق الإنسان في الأهداف الإنمائية يمر عبر السبيل الأمثل لضمان القابلية على تنفيذ هذه الأهداف. 

إنَّ استحداثَ آليةِ مساءلة، على غرار المراجعة الدورية الشاملة، يمكن أن تحدَّ من نطاق الانتهاكات، من خلال اعتماد قبل المجتمع الدولي للتدقيق - ليس فقط في سجل حقوق الإنسان لبلدٍ ما، وإنما أيضاً لالتزامهِ بالتنمية البشرية للجميع. وسوف يساعد تكريس مبدأ الكونية، بهذه الطريقة، في القضاء على التمييز في الحصول على التعليم، وضمان وصوله إلى جميع الفئات في المجتمع.

ولهذا السبب، من المهم جداً الآن أن نتمسّك بمبدأ الكونية هذا في المراجعة الدورية الشاملة.

ويجب أن لا نسمح بأن تكون شرعيتها - ومعها شرعية مجلس حقوق الإنسان - معرضة للخطر من قبل دولة واحدة. وإنني لأحث المجلس على استخدام جميع التدابير المناسبة لضمان أن تتواصل هذه المراجعة لتكون عملية متساوية.

ومما لا ريب فيه، إن الجمع بين حقوق الإنسان والتنمية سيحقق فوائد متبادلة. وتعتبر الأهداف الإنمائية للألفية واحدة من أكثر البرامج طموحاً في تاريخ الأمم المتحدة. ويمكن استخلاص العديد من الدروس لأطر العمل المستقبلية.

كما إنّ الربط بين أهداف حقوق الإنسان والأهداف الإنمائية سيوضح مفاهيم حقوق الإنسان، حيث ينبغي ألا يكون هناك مجال للمزيد من سوء الفهم أو الغموض أو النسبية الثقافية. وسوف يساعد أيضاً على جعل التقدّم في حقوق الإنسان أكثر معيارية، من خلال ربطهِ بأهداف إنمائية واضحة ومحددة. وسيسمح لنا بقياس تأثير حق كل طفل في الحصول على التعليم وقياس الفوائد الاقتصادية والاجتماعية الانتجة عن إقرار هذا الحق. وسوف يساعدنا في تحسين تقييمنا للأضرار التي تلحق بالمجتمع عندما يُسلب هذا الحق بسبب النزاعات أو الكوارث أو الإجحاف. إن وضع حقوق الإنسان كمظلة للأهداف الإنمائية ستجعل من أطر حقوق الإنسان أكثر عملية وأهداف التنمية أكثر قابلية للتنفيذ.

السيدات والسادة،،

ونحن نتطلع نحو المستقبل، يجب ألا يتشتت انتباهنا وننسى التزاماتنا تجاه الأهداف الإنمائية للألفية، بل يجب أن نعمل بجد لإيجاد طرق مبتكرة لتحقيق هذه الأهداف. وعلى سبيل المثال، يمكننا – بل يجب علينا- أن نبذل الآن المزيد من الجهد لدعم حصول كل طفل على التعليم، بغض النظر عن العرق أو العقيدة أو اللغة أو أي عامل آخر.

وإنه لمن غير المقبول أن يظل التعليم ضحيةً للصراع. خذوا غزة مثالاً، حيث لا يزال تأثير الحصار مدمرا ً، وخاصة في مجال التعليم. فالمدارس تضررت وأصبح من الصعب الحصول على التجهيزات، بدءاً من الكراسي وانتهاءً بالدفاتر وأقلام الرصاص.

منذ عام 2009، وبرنامج الفاخورة يعمل مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لتمكين الشباب في غزة من مواصلة التعليم العالي، أو من خلال المساعدة على إعادة بناء المباني التعليمية أو من خلال توفير الدعم النفسي، وذلك لمعالجة الخراب الذي سبّبته الدولة نفسها التي تحاول أن تتهرب من المراجعة الدورية الشاملة للتدقيق في سجلها لحقوق الإنسان.

ثمّة اليوم،28 مليون طفل من جميع أنحاء العالم محرمون من التعليم بسبب الصراعات علماً بأن التعليم يمثّل واحدة من أقوى الأدوات التي يمكن من خلالها كسر دائرة الصراعات.

آمل في أن أرى الأهداف الإنمائية المستدامة أكثر طموحاً في مقاربتها للتعليم. ولنتجاوز التعليم الأساسي ولنسلّط الضوء على الأهداف الخاصة بالتعليم في مناطق النزاعات، ونوعية التعلّم، والتعليم المتواصل. لكن مستوى الطموح بالنسبة لأهداف المستقبل سيعتمد كلياً على التقدم الذي نحققه من الآن حتى عام 2015. ولهذا أطلقتُ مبادرة "علم طفلاً" في العام الماضي، بالعمل مع عدّة شركاء، سواء من وكالات الأمم المتحدة ذات الامتداد العالمي أو منظمات غير حكومية ذات جذور محلية. إن المبادرة تدعم حالياً بالفعل نصف مليون طفل للحصول على فرصة التعلم في أصعب الظروف. ولا نزال نسعى للحصول على دعم شركائنا الفاعلين لمساعدتنا في الوصول إلى ملايين الأطفال.

لا يمكن لأحد أن ينكر أن قيم حقوق الإنسان- قيم الكرامة والاحترام والمسؤولية والعدل والتسامح والمساوة- هي سمات أساسية للتنمية البشرية. والآن يجب أن نحدد كيف نجعل هذه الصفات متكاملة في إطار التنمية التي يأتي التعليم في صلبها.

أتطلع إليكم اليوم لتفعلوا بكل قوتكم كلَّ ما من شأنه أن ينقل جميع فضائل القانون الدولي لحقوق الإنسان إلى أجندة التنمية البشرية. كما وأتمنى أن تبذلوا كل ما بوسعكم لتسخير جميع الفوائد الموجودة في مؤسسة القانون الدولي لحقوق الإنسان وتطبيقها على جدول أعمال التنمية البشرية. وعلينا أن نمنح الأجيال القادمة فرصة بناء مجتمعات مزدهرة وسليمة من خلال التنمية التي يمثّل الإنسان محورها.

شكرا ً لإصغائكم.