المائدة المستديرة الرفيعة المستوى عن الدور المحوري للتعليم في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية

نيويورك, 22 سبتمبر 2010

أيها السيدات والسادة،

شاركتُ في وقت سابق اليوم في اجتماع دعت إليه مجموعة دعاة الأهداف الإنمائية للألفية وقد شعرتُ في الواقع بالارتياح لأني لمست لدى العديد من الشخصيات البارزة اهتماما حقيقيا في التحديات التي تواجهنا في تحقيق هذه الأهداف التي التزمنا بها منذ 10 سنوات. 

وقد شجعني أيضا اعتراف أعضاء آخرين في المجموعة بالدور الهام الذي يؤديه التعليم في بلوغ أهداف أخرى من الأهداف الإنمائية للألفية.

وقد سمحتُ لنفسي بأن أُطلع زملائي دعاة الأهداف الإنمائية على الورقة التي أُعدت لمناقشتنا اليوم، وتفاءلت خيراً عندما لاحظت الحماس الذي بدا عليهم.

وسنناقش اليوم كيف أن التعليم الابتدائي الجيد النوعية يشكل قوة دفعٍ قوية نحو تحقيق سائر الأهداف الإنمائية للألفية، كما سنستعرض معا الدراسات التي تُثبت الصِلات القائمة بين التعليم وتحقيق أهداف الحد من الفقر وخفض معدلات وفيات الأطفال وتحسين صحة الأمهات ومنع تفشي الأمراض وكفالة الاستدامة البيئية.

ومن المهم أن ندعو إلى إدراج عنصرٍ تعليمي في جميع الأعمال المضطلَع بها تحقيقاً لأهداف أخرى من الأهداف الإنمائية للألفية.

لذا أنا أتطلع إلى إجراء مناقشة حوارية حول التوصيات الواردة في التقرير الجاري مناقشته. ولكن ثمة مسألة أخرى هامة أيضا يتعين النظر فيها.

كلنا يدرك أن التعليم، على ما يكتسيه من أهمية في جدول الأعمال على المستوى العالمي، غالبا ما تقل درجة الأولوية الممنوحة له متى تعلق الأمر بحماية التعليم في أوقات النزاع وحالات الطوارئ.

وقد اتسم ذلك بأهمية مركزية بالنسبة إلي منذ أن بدأتُ عملي مع اليونسكو، وقد استمر ذلك خلال عملي مع تحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة.

إن التقرير المعروض علينا اليوم يؤكد مجددا اعتقادي بأنه لا يمكن بلوغ الأهداف الأخرى من الأهداف الإنمائية للألفية ما لم تولَ أهداف توفير التعليم للجميع أولوية قصوى في جميع مناطق العالم، بما فيها تلك التي مزقتها الكوارث الطبيعية والصراعات السياسية. 

لا يمكن تحقيق السلام والرخاء من دون تعليم. فالنزاعات تشكل تهديدا رئيسيا لأمن البشر وللأهداف الإنمائية للألفية التي يُبذل الغالي والرخيص لتحقيقها. 

فبعد سنوات من انتهاء أي نزاع، تظل أعداد كبيرة من اللاجئين نازحة، لا تتوفر لهم سوى فرص عمل وتعليم محدودة وخدمات صحية غير كافية. وحظوظ البلدان التي فقدت بنيتها التحتية التعليمية نتيجة للحرب هي أقل من غيرها في بلوغ أهداف التعليم للجميع في عام 2015.

أن التعليم يكتسي أهمية خاصة لا سيما في أوقات النزاع المسلح لأنه قادر على إشاعة إحساس بالعودة إلى الحياة الطبيعية وسط بيئة تعمُّها الفوضى. كما أنه يفضي إلى الديمقراطية والسلام لأنه يختزن مقدرة على غرس قيم وسلوكيات جديدة ويساعد في الحد من الاستقطاب الاقتصادي والاجتماعي والعرقي. 

لذا من المحزن رؤية البلدان في جميع أنحاء العالم تنفق مليارات الدولارات على التسلح كل عام. فمن شأن هذه الأموال أن تمكِّن البلدان من إدخال كل طفل في المدرسة وأن تخفض معدل وفيات الأطفال بنسبة الثلثين بحلول عام 2015، أي أنها تجعل من الممكن بلوغ هدفين من الأهداف الإنمائية للألفية.

قد تكون المطالبةُ بوقف الحروب أو قد يكون الحلم بعالمٍ خالٍ من النزاعات أمرا مبالغا فيه. بيد أن التعليم يتطلب توفير الأمن والسلامة والاستدامة، ومَن يستهدف توفير التعليم ويعرقل الحصول عليه هو عدو للحضارة ويشكل عقبة تحول دون التمتع بالحق في التعلم. 

إن عددا كبيرا من الموجودين هنا اليوم اضطلع بدور هام في كفالة اتخاذ الجمعية العامة للأمم المتحدة في تموز/يوليه 2010 قرارا بعنوان الحق في التعلم في حالات الطوارئ.

 

وبمقتضى هذا التدبير، تلتزم حكومات العالم صراحةً، للمرة الأولى، بتوفير حماية مادية للمدرسين ومرافق التعليم (وهي ما أعتبره مؤشرات حضارتنا) على جميع المستويات وفي أوقات النزاع والكوارث.

ويشكل ذلك بداية ممتازة، ولكنه مجرد بداية.إن وجود قوانين ومبادئ توجيهية دولية أمر مفيد بيد أنه يجب علينا في المقابل أن نضمن وضع استراتيجيات وطنية واقعية تكفل التقيد بهذه القوانين والمبادئ التوجيهية.

نحن في حاجة إلى رصد التقدم المحرز في تحقيق أهداف التعليم، في جميع البيئات، سواء كانت مستقرة أو غير مستقرة.ويجب على المجتمع الدولي أن يمارس سلطة بموجب القوانين الإنسانية وقانون حقوق الإنسان بغية حماية مرافق التعليم والمدرسين. 

وثمة مسالة أخرى أود التطرق إليها هي أن بلوغ الهدف 2 من الأهداف الإنمائية للألفية لا يعني بالنسبة إلي مجرد الحصول على التعليم الابتدائي، وإنما الحصول على تعليم جيد النوعية. فتحصيل العلم وحده لا يكفي.

 

يجب علينا أن نضمن أن هذا التعليم هو مدخل إلى الجودة. وأن التعليم المقدَّم في المرحلة الابتدائية هو أساس يرسي فضولا للتعلم مدى الحياة. علينا التأكد من تقديم أفضل تعليم ممكن، فهذا التعليم هو الأساس الذي يقوم عليه المستقبل. 

علينا حماية التلاميذ والمدارس والمدرسين.

علينا حماية حضارتنا.