حفل برنامج "علم طفلاً" بمركز لينكولن لموسيقى الجاز

نيويورك, 16 مايو 2013

اسمحوا لي أن أتقدم بالشكر إلى وينتون على تقديمه، وأشكركم جميعاً على حضوركم هذا المساء، وعلى استعدادكم للتعرف أكثر على ما نسعى إلى تحقيقه.

إن منح كل طفلٍ الفرصة في التعليم هو بمثابة قطع وعدٍ له والتعبير عن إعجابنا به، وهو ما من شأنه أن يفتح الباب على مصراعيه أمام الإمكانيات التي بمقدورها تغيير حياته، وبذلك تقدم إلى الإنسانية مفكرين وزعماء ومبدعين للفن الراقي، كمثل الكثيرين منكم الموجودين معنا هنا هذا المساء. 

d واسمحوا لي أن أبدأ بطرح سؤالٍ بسيط: ما الذي يعنيه "التعليم" لكم؟

قد يستحضر البعض منا من خلاله ذكرياتٍ عن الكتب التي تصطف على رفوف المكتبات أو قد يعود بنا إلى قاعات المحاضرات التي كنا نحضرها بالجامعة. وقد يتخيل آخرون أطفالهم في أحد الفصول الدراسية وهم يجتهدون في إنجاز فروضهم المدرسية. 

فالتعليم يعني لنا تجربة التعلم في حد ذاتها.أما بالنسبة للآخرين، فإنه يعني لهم أكثر من ذلك بكثير.

واسمحوا لي أن أخبركم ما الذي يعنيه التعليم للأطفال في الفيلم التي شاهدتموه، والذين التقيت بهم العام الماضي.

لقد أُجْبِرَ عدد كبير من الصغار في مخيم كاكوما للاجئين على الهرب من النزاع الدائر في بلادهم، وهكذا أصبحت مدرسة المخيم ذلك الشيء الوحيد الذي يُشعرهم بالحياة.

أما أولئك الأطفال الذين يدرسون في القوارب في سهول الفيضانات في بنغلاديش، فإن هذه الفصول الدراسية العائمة تمثل لهم فرصة ثمينة لخلق مصيرهم المختلف، هذه الفرصة التي لم يحظ بها آباؤهم.

ولعلكم شاهدتم في الفيلم سعاد، مديرة المدرسة، التي كانت ستتزوج وهي لا تزال مجرد شابة في سن المراهقة. لكنها تمكنت من إقناع والدها أن يسمح لها مواصلة تعليمها الثانوي بعد أن وعدته أن تقدم لأسرتها مالاً أكثر من مهرها. وبذلك فإن التعليم يعني بالنسبة إليها خيارها الأمثل.

هؤلاء هم المحظوظين، الذين غيَّر التعليم مصيرهم. وفي المقابل هناك الملايين من المحرومين من تلك الفرصة لذنب لم يقترفوه.

وفي جميع أنحاء العالم يواجه ملايين الأطفال غير الملتحقين بالمدارس تحدياتٍ لا يمكن أن يتصورها خيالنا.

لكن واجبنا يُحَتِّمُ علينا أن لا نَدَّخر جهدا ونحاول أكثر، لأننا عندما نُعلِّمُ أطفالنا، فإننا نزرع بذور المستقبل.

إن الأطفال المتعلمين هم الأسلم صحة، والأعظم مكاسباً. إنهم يمتلكون الوسائل اللازمة لكسر دوامة الفقر والصراع. وهذا ما يجعل التعليم ليس فقط مسؤولية المربين، وإنما مسؤولية الجميع.

وفي العام الماضي تم الإعلان عن برنامج "علِّم طفلاً" لتحفيز إيجاد حلول خلاَّقةٍ، التي بإمكانها أن توحد الجهود المشتركة التي تبذلها كافة قطاعات المجتمع. فهدفنا لا يتمثل فقط في إلحاق الأطفال بالفصول الدراسية. وإنما يتمثل في تمكينهم وأسرهم من المحافظة على الدراسة من خلال معالجة الأسباب الرئيسية التي تمنع تواجدهم في المدارس.

إن برنامج "علِّم طفلاً" يعتمد نهجا متكاملاً لمواجهة التحدية برؤية شمولية. وعلى سبيل المثال، فإننا نسعى إلى تمكين الأسر من الناحية الاقتصادية كي تستطيع تحمل أعباء أبنائها الدراسية حيث أن هناك حوال 61 مليون طفلٍ محرومين من من فرصة الحصول على التعليم.إنهم يمثلون 61 مليون طفلً نسيهم العالم، وهذا أمرٌ غير مقبول.

لقد وضع برنامج "علِّم طفلاً" نصب عينيه تحقيق هدف الوصول إلى 10 مليون طفلٍ بنهاية 2015.ولعل هذا الأمر قد يبدو طموحاً للغاية، لكن يمكن بلوغه وتحقيقه.فقد استطعنا خلال أربعة شهور فقط الوصول إلى 600 ألف طفلٍ.

هناك الكثير مما ينتظر القيام به، لكننا لا نستطيع القيام به بمفردنا. ولذلك نعمل مع مجموعة رائدة من الشركاء .وبمقدور كلٍّ منا أن يكون له إسهام قيِّم وفريد من نوعه في تحقيق هدفنا الذي يسعى إلى الوصول إلى 10 مليون طفلٍ.لذلك فإنني أود أن أتقدم بشكري إلى وينتون، و روبرت، وأكبر، على خوضهم غمار هذه الرحلة معنا.

شكراً لكم جميعاً على حضوركم هذا المساء، وإنه لمن دواعي سروري أن أغتنم هذه الفرصة وأطلعكم على ما يعنيه التعليم بالنسبة إليَّ: إنه الفرصة الثانية لبلوغ السلام.