حفل جائزة جورج بوش للتميز في الخدمة العامة

ولاية مين، الولايات الأمريكية المتحدة, 20 سبتمبر 2013

فخامة السيد بوش، السيدة بوش، الدكتور ريبيش،

الأصدقاء والحضور الكرام،

إنه لمن دواعي سروري أن أكون بينكم اليوم في مثل هذا الموقع الخلاَّب.

وإنني على يقين تام أن جميع الطلاب في جامعة نيو إنغلاند يتمتعون بدرجة عالية من التفوق والتميز، ولا يمكنهم في غمرة هذه المناظر الطبيعية المذهلة التي تحيط بهم إلاَّ أن يستلهموها بشكل دائم في تجسيد تفوقهم.

وإنه لشرف عظيم أن يتم ترشيحي لنيل جائزة جورج بوش للتميز في الخدمة العامةويطيب لي أن أقبل هذا التشريف نيابةً عن شعب ودولة قطر

شكراً لكم.

لقد أنعم الله على أمتنا وشعبنا في دولة قطر بنعمٍ كثيرة تستوجب الشكر

فنظامنا التعليمي معترف به عالمياً، ومجانيٌّ لجميع أبنائنا من مرحلة ما قبل المدرسة وحتى الجامعة.أمَّا نظامنا الصحي ذو المستوى العالمي فإنه يُمَكِّنُ مواطنينا جميعاً من الاستفادة بحرية تامة من خدمات المستشفيات والمراكز الصحية، فضلاً عن أننا اليوم في طور تحويل جميع مستشفياتنا إلى مراكز أكاديمية وبحثية.

هذه هي الاستثمارات التي تؤتي ثمارَها. فقد صنَّف المنتدى الاقتصادي العالمي في الأسبوع الماضي، ضمن تقرير التنافسية العالمي، دولة قطر في المرتبة الأولى في الشرق الأوسط والمرتبة الثالثة عشرة عالمياً

لقد عمل صاحب السمو الأمير الوالد على غرس بذور الانفتاح والإبداع وحرية التعبير في مجتمعناوتلك البذور هي العقول الناجحة التي ستواصل مسيرة الازدهار في وطننا جيلاً بعد جيل.

عندما قمتُم بزيارةٍ لمؤسسة قطر عام 2003، كان الحرم الجامعي بالمدينة التعليمية لا يزال في طور البناء، وكانت معه فكرة إنشاء فروعٍ للجامعات المرموقة في أرضٍ بعيدة لا تزال مفهوماً جديداً. وبالنسبة لكثيرين بَدَتْ فكرةً مثاليةً وطوباويةً.

ولكن الأمر لم يكن كذلك بالنسبة للمُلهمين أمثالكم، الذين أدركوا أهمية مثل هذه المشاريع بالنسبة لحاضر أمتنا ومستقبلها.

فمنذ تأسيسها عام 1995، ظلَّت مؤسسة قطر عنصراً حاسماً في تنمية مواهب شبابنا، وبناء اقتصاد قوي ومستدام لأجيال المستقبلوهذا إن دلَّ على شيءٍ فإنما يدل على عزمنا على استخدام مواردنا بحكمة ومسؤولية

واليوم، أصبح حرم الجامعة يغطي مساحةً تصل إلى 15 مليون متر مربع. ويستوعب حالياً حوالي 5000 طالب من تسعين جنسية، بدءاً من الأطفال في سن ما قبل المدرسة، وصولاً إلى الطلاب وخريجي الدراسات العليا، الذين بات بإمكانهم جميعاً أن يدرسوا تخصصات متنوعة كالطب والشريعة الإسلامية والأعمال وعلم الآثار في العالم العربي

وهؤلاء هم الذين سيعملون جميعاً على رسم معالم مستقبل دولة قطر وِفق تراثنا الغني، وبروحٍ مِلْؤُها الانفتاح وحب الاستطلاع.

ومع ذلك، فإن شعب دولة قطر بكل ما حباه الله من نِعَمٍ على وعيٍ بأنه لا ينبغي علينا أن نقنع بذلك وننطوي على أنفسنا، لأن تقاليدنا الإسلامية والعربية والقطرية تَحُثُّنَا على مَدِّ يد الصداقة والدعم دوماً لأولئك الذين هم في أشد الحاجة إلينا، ونشارُكِ نِعمنا مع الآخرين ومع أجيال المستقبل أيضاً.

هذا بالنسبة لي هو جوهر الخدمة العامة، حيث يجب أن يتجاوز شعورنا بالمسؤولية حدودنا الجغرافية، لاسيما وأن عالم اليوم أصبح عالماً مترابطاً.

إن مؤسسة قطر تسعى جاهدةً بجميع الوسائل للإسهام في تطوير التعليم والمعرفة والثقافة لصالح الإنسانية جمعاء، سواء أكان ذلك من خلال الموسيقى، أم الفنون، أم الاكتشافات العلميةوفي الحقيقة، فإن مؤسسة قطر تكتسب شهرتها من جامعاتها ذات المستوى العالمي

لذلك، فإننا سنكون ممتنين دوماً لتلك المراكز التعليمية، كجامعة تكساس أي أند إم، التي آمنت برؤيتنا وانضمت إلينا في رحلتنا.

فخامة السيد بوش

لقد كرَّست حياتك للخدمة العامة وخدمة المجتمع، وسعيت طيلة الأعوام الثلاث عشرة الأخيرة إلى الاطلاع على الجهود التي يبذلها الآخرون في فعل الخير

وإنني على علمٍ بالمكانة الخاصة التي تحتلها جامعة تكساس أي أند إم في قلبك.

وأود أن أخبرك أن فرع هذه الجامعة في دولة قطر مساهمٌ كبير في التنمية الاجتماعية والاقتصادية في بلدنا. ليس من خلال 300 من الخريجين الشباب أو 550 من الطلبة الحاليين، الذين يساهمون في بناء صناعة أمتنا وبنياتها التحتية. ولكن أيضاً من خلال التعاون الذي تقوم به الجامعة مع شركاتنا ومراكزنا العلمية والتكنولوجية، والذي يساعد على الدفع قُدماً بالقدرات البحثية الوطنية في دولة قطر

إن الطلاب والموظفين في جامعة تكساس أي أند إم في دولة قطر يتملَّكهم ذلك الالتزام نفسُه الرامي إلى تطوير العالم الذي تسعى مؤسسة قطر لتجسيده على أرض الواقع.

لقد عبَّر لي عميد الجامعة السيد ويشولد عن تعهدٍ فريدٍ من نوعه، كان ذلك خلال احتفالات الذكرى السنوية العاشرة للجامعة في دولة قطر، التزم فيه الطلاب والموظفون بتسخير وقتهم ومواردهم ومواهبهم لدعم برنامج "علِّم طفلاً" الذي أطلقتُهُ بالدوحة العام الماضي. حيث يسعى برنامج "علِّم طفلاً" إلى مساعدة الملايين من الأطفال غير الملتحقين بالمدارس في الحصول على التعليم الأساسي النوعي.

وإنه لمن الصعب أن نصدق أن هناك 57 مليون طفل في العالم، ممن يصعب الوصول إليهم، لا يستطيعون الذهاب إلى المدرسة. فكل واحد منهم يستحق الفرصة لكسر دوَّامة الفقر والنزاع والتهميش. إذ يتمثل الهدف من برنامج "علِّم طفلاً" في دعم 10 ملايين من هؤلاء الأطفال للالتحاق بالمدارس في غضون الأعوام الثلاثة القادمة

لقد عاينت بنفسي أولئك الأطفال الذين يعيشون في حالة من الفوضى في مخيم اللاجئين في كينيا، وأولئك الذين يصارعون البقاء على قيد الحياة في السهول الفيضية في بنغلاديش، وأولئك المنحدرين من الأسر الفقيرة التي تعيش في مدن الصفيح في مدينة ريو دي جانيرو. وقبل يومين فقط، قمت بزيارةٍ لأطفال السكان الأصليين للمجتمع الهندي في غابات الأمازون الممطرة. حيث تكافح تلك المجتمعات المعزولة للحفاظ على هويتها وثقافتها، كما تحرص في الوقت نفسه على الدخول إلى الشبكة العنكبوتية العالمية.

لذا، فإن محنتهم هذه تُبيِّن لنا مدى أهمية تصميم مناهجنا التعليمية، وإضفاء الطابع الثقافي عليها، لأن الحلول المستدامة تحتاج إلى أن تكون حلولاً خلاقة ومبتكرة

وإنه لمن دواعي سروري أنَّ طلابنا في مؤسسة قطر يُسَخِّرُونَ رُؤَاهُم النيِّرة لمساعدتنا على إيجاد هذه الحلول المبتكرة.

إن العقبة الكبرى أمام تحقيق أي تقدم هي عدمُ فعل أيَّ شيءٍ لتحسين حياة ملايين الأشخاص الذين يعانون من الحرمان.

السيدات والسادة،

التعليم هو مفتاحنا لتغيير العالم، فنحن بحاجة إلى مهارات الشباب وإرادتهم كي يكونوا قادرين على فتح أبواب الفرص التي تتاح لهم.

فخامة السيد بوش، السيدة بوش،

يطيب لي أن أتقدم إليكما، نيابةً عن مؤسسة قطر والشعب القطري، بعظيم شكري على هذه الجائزة.