مؤتمر القمة العالمية للإبتكار في التعليم "وايز" 2021

الدوحة، قطر, 07 ديسمبر 2021

 

يسرُّني لقاؤكم في مؤتمرِ القمّةِ العالمية للابتكارِ في التعليم بعدَّ أنْ أُضطِّرَ العالمُ إلى الإغلاقِ والانكفاء تحتَ وطأةِ جائحةِ كوفيد-19، وها نحنُ، بعدَ هذا الغيابِ الاضطراري، نعودُ مجدَّداً إلى هذه القاعةِ نفسِها لنناقشَ مختلفَ قضايا التعليمِ والابتكارِ في التصدّي لتحدياتِها، لا سيّما وأنّ ثَـيْمةَ المؤتمر لهذا العام تتمحورُ حولَ أهميةِ صوتِ الشبابِ وحقِّهم في المشاركةِ لبناءِ مستقبلِهم من خلالِ التعليم.

ومنذُ الصفوفِ الابتدائية في التعليمِ الأساسي يُفترضُ أن تُبنى المناهجُ على فكرةِ بناءِ جيلٍ مسلّحٍ بالعِلمِ والخبرةِ للمشاركةِ في صنعِ القرار والمساهمةِ في مواجهةِ التحديات. وقد قامتْ تجربتُـنا على هذه الرؤية عندما أنشأنا مؤسسةَ قطر، والشبابُ نُصْبُ أعيُـنِـنا، لتخريجِ جيلٍ مؤهّلٍ لقيادةِ مجتمعِ المعرفة.

في نصوصِنا الدينيةِ كانتِ الحكمةُ تعني المعرفةَ والعِـلْمَ بالشيءِ والعملَ بهِ، كما ورد في القرآن الكريم: (ربَّنا وابعثْ فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلّمهم الكتابَ والحكمةَ ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم). ولكنَّ ثقافتَنا الشعبيةَ تحيلُ الحكمةَ إلى العمر، بوصفِها تراكماً لتجاربِ الحياة عَبْرَ السنين، وهو أمرٌ لم يَعُدْ دقيقاً في هذا العصر بعدَ أنْ أُتيحتْ للشبابِ فرصُ اختصارِ الزمن في اكتسابِ الحكمةِ من خلالِ معارفَ مختلفة في المُتناول، سواءٌ من التعليمِ النوعي أو الكتبِ أو مِن المِنصّاتِ العلميةِ والثقافيةِ على الشبكةِ العنكبوتية التي على ما فيها من إشكاليات بَيْدَ أنها فضاءٌ مفتوح أيضاً للتعرّف على ثقافاتٍ أخرى وتجاربَ حياتية مكتَسَبة من الواقع الافتراضي، وقبلَ ذلكَ هي فضاءٌ لأصواتِ الشبابِ على مختلفِ مَشاربِهم، ومَن يؤتَ الحكمةَ فقد أوتيَ خيراً كثيراً.

وقد شهِدْنا كيف أطاحتْ وسائلُ التواصلِ الاجتماعي بالهيمنة وأصبحَ التعبيرُ عن الرأي مُتاحاً ومَـشاعاً، بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف، وتعالتْ أصواتُ الشبابِ بما يجعلُها مسموعةً، ولنا في الوطنِ العربي مثالٌ نموذجيٌّ في هذا السياق عندما كانَ لتعبيراتِ ونشاطِ الشبابِ على وسائلِ التواصلِ الاجتماعي دورٌ مؤثِّـرٌ في اندلاعِ ثوراتِ الربيعِ العربي التي ساهموا في صُنْعِها ولم يساهموا في إفشالِها.

ولم يَعُـدْ هناك مِن خِيارٍ في هذا العصر سِوى الإقرارِ والإيمانِ بحتميةِ الإصغاءِ إلى صوتِ الشبابِ والاعترافِ بكونِهم جزءاً لازماً في صُنْعِ القرار، ونحنُ ندركُ جميعاً أنّ القدراتِ الفكريةَ للأجيالِ الحاليةَ تنامتْ باستثمارِ منجزاتِ التكنولوجيا ومخرجاتِ التعليم وهو ما لم يكن مُتاحاً للأجيالِ السابقة.

وكما كانَ لصوتِ الشبابِ حضورٌ في دوراتِ وايز السابقة، إنَّهُ لمِن دواعي سرورِي أن يتجلّى دورُهم أساسياً هذا العام ليكونَ وايز مِنَصّةً لتعبيرِ الشباب عن قضاياهم ورؤاهم، وأظنُّ أنَّ بيننا اليوم الكثيرَ منهم ولعلَّ لدى بعضِهم رغبةً لإسماعِ صوتِهِ. مرحباً بهم وبكم.