حفل افتتاح مكتبة قطر الوطنية

الدوحة، قطر, 16 أبريل 2018

 

حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد ال ثاني..

صاحب السمو الامير الوالد الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني ..

اصحاب السمو والمعالي..

السيدات والسادة الضيوف..

أحيّيكم جميعاً وأشكرُ حضورَكم الكريم وأثمّنُ عالياً تقديرَكم للثقافةِ والمعرفةِ عموماً وهو التقديرُ الذي جسّدتموه بمشاركتِنا الاحتفالَ بافتتاحِ المكتبةِ الوطنيةِ في قطر، وكم أبهجتْـنا هذه المشاركةُ التي جعلتْ من الاحتفالِ احتفاءً عالميا بالمعرفةِ المدوَّنة ونموذجِها الكتاب وفضائها المكتبة.

فقد أظهرتِ الكتابةُ والكتبُ والمكتبات عمقَ العلاقةِ بين الإنسانِ وتاريخِ التدوين بوصفِهِ مَنهَلاً للحضارةِ الإنسانية، والإنسانُ هو مؤلِّفُ الكتابِ وهو موضوعُهُ وهو منتِجُهُ وهو القارئُ والناقد. وما هذهِ الكتبُ كلُّها إلّا نحنُ وما هذا المبنى إلّا لتُشرِقَ الأفكارُ تحتَ سقفِهِ، سواءً اتفّـقتْ أم اختلفتْ.

إنَّ لفي افتتاحِ المكتبةِ الوطنية في قطر ما يستدعي الشعورَ بالفخرِ التاريخي وانتماءً للريادةِ في الوطنِ العربي مُنذُ بدءِ تاريخِ الكتابةِ والتدوينِ والمكتبات في وادي الرافدين قبلَ أكثر من خمسةِ آلافِ عام.

ثُمّ من عصرٍ إلى آخر تواصلتِ المبادرةُ برياداتِ التنوير في القرونِ الوسطى، وأبرزُها بيتُ الحكمةِ ببغداد ومكتبةُ قرطبة في الأندلس ودارُ العِلمِ بالقاهرة ومكتبةُ القرويين في فاس المغربية.

واستلهاماً من هذا التاريخِ المجيد وسعياً نحو استعادةِ دورٍ نهضويٍّ عربي لا نريدُ له أن يغيب، نبعتْ فكرةُ المكتبةِ الوطنيةِ في قطر لتكون خِزانةً لتاريخِ التدوينِ ووسيطاً لنقلِ المعرفةِ بينَ مختلفِ الثقافاتِ وأن تصبحَ بدرجةٍ أساسيةٍ مؤسسةً مرجعيةً للتراثِ العربي والإسلامي ومِنصّةً لنشر النِتاجِ الفكري والأدبي المعاصر، وقد صُمِّمَتْ في شكلِها ومضمونِها لتكونَ ثلاثيةَ الأبعاد: فهي مكتبةٌ وطنيةٌ ومكتبةٌ عامةٌ ومكتبةٌ بحثيةٌ في آنٍ معاً.

وبوصفِها مكتبةً رقميةً متقدِّمة سوفَ تتيحُ لمستخدميها الوصولَ السريعَ للمعلومةِ الدقيقة، كما توفّرُ للأجيالِ الجديدةِ الأدواتِ المعرفيةَ الكفيلةَ بقراءةٍ صحيحةٍ للتاريخ.

السيدات والسادة..

لم تعدْ وظائفيةُ المكتبةِ تقتصرُ على كونِها مجرّدَ خِزانةٍ للكتب أو أرشيفاً للتاريخِ ترتادُها النخبةُ الثقافيةُ وتستفيدُ منها المؤسساتُ الأكاديمية وطلبةُ العلِم فحسبْ، بل أمستْ كياناً دينامياً يصنعُ حِراكاً ثقافياً مجتمعياً واسعاً ويثري الحوارَ المعرفيَّ وينمّي العقلَ والخيالَ الإبداعي.

ولأنّ الكتابَ هو الوعاءُ الحضاريُّ للغة، نتطلّعُ إلى أنْ يكونَ مشروعُ المكتبةِ آليةً حديثةً لدعمِ النهوضِ باللغةِ العربية ولإحياءِ حضورِها الحضاري من خلالِ قراءةٍ جديدةٍ للتراثِ العربي واستعادةِ إشراقاتِها يومَ كانتْ لغةً عالميةً في القرونِ الوسطى قرينةً بالعلِم والثقافةِ ومدعاةً للزهو حتى باتَ قولاً متداولاً: أنتَ تتحدثُ العربية، إذن أنتَ مثقف. 

ولعلَّ ما يكرّسُ القيمةَ الفريدةَ لهذهِ المكتبة أنّها تقعُ في بيئةٍ صغيرةٍ جاذبةٍ للمعرفة وأعني المدينةَ التعليمية بجامعاتِها وباحثيها وطلبتِها، كما يتعاظمُ دورُها بالانتماءِ إلى بيئتِها الكبيرة: دولةِ قطر حيث تتلاقى الرؤى بين أهدافِ المكتبة والمشروعِ النهضويِّ للدولة. بالإضافة إلى بيئةٍ ثالثةٍ أكبر، ذاك هو عالمُ الانترنت حيث تتفاعلُ مختلفُ الثقافاتِ وحيث سيكونُ للمكتبةِ الوطنيّةِ حضورٌ فاعل.

وبكلماتٍ أخيرةٍ أقول.. ما كان لصرحِ المكتبةِ الوطنيةِ أنْ يشمخَ بعليائهِ لولا الرؤيةُ السديدةُ لقيادةِ البلاد، من عهدِ الأبِ إلى عهدِ الابن، في دعمِ المشاريعِ التنمويةِ الاستراتيجيةِ المستدامة، وخصوصاً تنميةَ الإنسان.

السيدات والسادة..

أجدّد جزيلَ شكري وعظيمَ امتناني لمشاركتِكم إيّانا الاحتفالَ بافتتاحِ المكتبةِ الوطنية..

والسلام عليكم.