الإعلان عن استراتيجية جديدة لمؤسسة التعليم فوق الجميع

الدوحة، قطر, 21 نوفمبر 2019

 

أرحبُّ بكم بالدوحة، والتعليمُ قضيتُنا دائماً، وابتكارُ الحلول هاجسُنا، من أجلِ تعزيزِ دورِ التعليم في صناعةِ التغيير. مُذْ انطلقَ وايز قبلَ عشرةِ أعوام، حرِصنا على أن يكونَ وايز مِنصّةً فكرية لإحداثِ التحولات، ومختبراً للابتكارات، ومركزاً عالمياً لدعمِ التعليم.

وفي هذا السياق، ومنذُ إعلانِ تأسيسِها في وايز أيضاً عام 2012، اتّخَذتْ "مؤسسةُ التعليمِ فوقَ الجميع" من روحِ الابتكارِ نهجاً في استحداثِ وتنفيذِ برامجِها. فنجحتْ بإلحاقِ 10 ملايين طفل بالمدارس. ولكن كما تعلمون حسب الإحصاءاتِ الرسمية، لا يزال في العالمِ أكثرَ من 59 مليوناً في سنِّ التعليمِ الابتدائي خارج َالمدارس. وفي الواقع أن الرقمَ الحقيقي يتعدى هذا الرقم بكثير،لأنّ هناك أعداداً كثيرة لم تُرصد بسبب تخلّفِ آلياتِ الإحصاء. وغالبيتُهم في أماكن يصعُبُ الوصولُ إليها.

وفي إطارِ ابتكارِ الحلولِ لمشكلةِ الإحصاء وغيرها، بادرت مؤسسةُ التعليم فوق الجميع باستراتيجيةٍ جديدةٍ، للتطبيق في عدّةِ بلدان بهدفِ جعْـلِ عدد الأطفالِ غير الملتحقين بالمدارسِ صفراً. وبهذا نثبتُ أنّ لا شيءَ مستحيلٌ إذا ما قرّرنا جميعاً اعتبارَ التعليمِ، فعلاً، فوق الجميع.

ومن الحلول الأخرى، طرحنا فكرةَ المدارسِ المتنقِّلة متعدّدةَ الوظائف التي صُمِّمتْ وجُهِّزتْ ليستخدمَها الأطفالُ اللاجئون وأسرُهم للدراسةِ والمشاركةِ المجتمعية بنموذجٍ اقتصاديٍّ متكّيفٍ مع الأحوالِ الجوية وسهلِ الحزم والنقل من تصميم المهندسة العالمية الراحلة زُها حديد.

أتذكّر حماسَها عندما سألتُها عمّا إذا كان بوسْعِ الهندسةِ المعماريّة أن تقّدمَ حلاً تعليمياً بديلاً عن الخيامِ أو المباني الخشبية، وقد توافقَ اقتراحي مع رغبتها في تقديم شيء مفيد لأطفال العالم، فعملتْ منذ ذلك الحين على تطوير الفكرة وإخراجها بشكلها النهائي كما ستشاهدونها في معرض وايز، ولكنها رحلتْ رحمها الله قبل أن تراه معنا اليوم.

كلُّنا ندركُ أنّ قضيةَ الأطفالِ غير الملتحقين بالمدارس شديدةُ التعقيدِ من حيثُ مسبِّباتِها وكيفيةِ معالجتِها. والحلُّ المثاليُّ لمشكلاتِ التعليم، كما تعلمونَ جيداً، هو السلام، أو في الأقل، أن تسودَ ثقافةُ التعايشِ في الكرة الأرضية.

ولكنْ كيفَ لنا أنْ نحلمَ بتحقيقِ ما يبدو مستحيلاً في عالمٍ لا يكفُّ عن إنتاجِ الحروبِ والنزاعاتِ وما فتئَ يبتدع المشكلاتِ الدولية والإقليمية، وكثيراً ما تسمعونَ أولئكَ الذين يتشدّقونَ بالحديثِ عن سلامٍ لا يشبهُ السلام، وعن تحالفٍ للأمن والاستقرار، يظهرونَ معه غيرَ ما يضمرون، ثمَّ "يحلفونَ لكم لترضوا عنهم، فإنْ ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القومِ الفاسقين".

وفي الوقتِ نفسِهِ، هناك عالمٌ آخر لا حولَ لهُ ولا قوة.

ولهذا نجدُ أنفسَنا مضطّرينَ للتعاملِ مع واقعِ منظومةِ التعليمِ بكلِّ تعقيداتِهِ لحمايةِ أطفالٍ أبرياء لا يفقهونَ شيئاً في السياسةِ ولا يعرفونَ لماذا تندلعُ الحروبُ ولا يدركونَ لماذا يتقاتلُ الناسُ ولا يفكّرُونَ بغيرِ ما يسدُّ رمقَهم، حتى أصبحَ التعليمُ في خيالِهم ترَفاً يتوقونَ إليهِ ولا يحصلونَ عليه.

وأتساءل هنا كأم: ماذا لو نظَرَنا إلى أحوالِ هؤلاءِ الأطفالِ من منظورِنا كآباءٍ وأمّهات، بالعينِ نفسِها التي ننظرُ فيها إلى مستقبلِ أبنائنا؟ فهل نستطيع؟