خطاب صاحبة السمو في افتتاح لوح وقلم: متحف مقبول فدا حسين
السلام عليكم..
نقف اليوم أمام مشهدٍ استعاديٍّ، لنكرّم نجماً في ماضيه ونحتفي به حاضراً ونشهد ارتياده الآفاق في حلل المستقبل.
ومن منظورٍ ثقافي، يتفرّد المبدع بالوجود الحياتي مرتين: مرةً بصفته كائناً بشرياً يعيش عمراً محدوداً، ومرةً بوصفه مبدعاً يعيش ما بعد الموت عبر إرثه الإبداعي.
وبهذا المعنى: لا يموت المبدعون ثقافياً بل يواصلون الحياة في الذاكرة الإنسانية، وهذا هو الجوهر الأجمل الذي يصنعونه في حضورهم وفي غيابهم. وقد كان مقبول فدا حسين أحدهم، أحد صنّاع الجمال، وقد تجاوزت أعماله الفنيّة الحدود وربطت بين الثقافات والتواريخ والهوّيات.
لقد دعوته في البدء لزيارة قطر، رغبةً بالتعرّف عليه كشخصيةٍ بارزة وعلى إبداعه كفنان، وسرعان ما أصبحنا أصدقاء،
كما سرعان ما استعاد مقبول انتماءه بعودته للجذور إلى الثقافة العربية، فانخرط في إنجاز مشروع ٍفني يحتفي بالحضارة العربية ربط بين التراث والهوية والتاريخ لتعكس أعماله ارتباطاً عميقاً بثقافة المنطقة.
ولأن حسين هندي من أصلٍ عربي وإيمانٍ إسلامي، لجأ إلى جذوره العربية فوجدها صدراً رحباً في استقباله. ولا شكّ أنّه مواطن هنديّ ولكنّنا نرى فيه، أيضاً، عربيّاً مسلماً، فاتّسعت بهما إنسانيته.
وفي زيارتي لليمن، عام 2010، سررت باصطحابه لموطن أصوله العربية التي يعتزّ بها،وقد ألهمته هذه الزيارة عدّة أعمالٍ فنية ستتاح لكم فرصة الإطلاع عليها. ومع الأيام بات مقبول صديقاً نعتزّ بصداقته وتوثقت علاقته بدولة قطر خلال إقامته فيها حيث رحّبنا به مقيماً ومن ثمّ مواطناً في السنوات الأخيرة من حياته.
ويسعدني اليوم أن أساهم في تحقيق حلم الفنان الراحل طيّب الذكر بافتتاح متحف مقبول فدا حسين، لوح وقلم، ليكون صرحاً جديداً يشمخ في المدينة التعليمية، وهو متحفٌ خاص، كما تمنّى، يعرض صفحاتٍ من حياته ونماذج من أعماله، علماً بأنّ تصميم هذا المتحف نفّذ طبقاً لسكتش أنجزه الفنان نفسه.
فلنتجوّل معاً في أروقة الجمال لنسكتشف، عن قرب، فن وإبداع وخصوصية مقبول فدا حسين، الذي يحلّ بينّنا خالداً يتمشّى، كما يروق له، حافياً في أروقة متحفه ليستعيد مع كل لمسةٍ مشهداً من ذكرياته العامرة بالإبهار.
شكراً لحضوركم.