خطاب صاحبة السمو في جلسة "مؤسسة التعليم فوق الجميع" خلال مؤتمر القمة العالمي للإبتكار في التعليم "وايز"
بسم الله الرحمن الرحيم
أرحب بكم لنشترك معاً في الاحتفاء بصلتك وما صنعت.
الحضور الكريم..
مذ وقع نظري على ما جاء في تقرير التنمية البشرية الصادر عن البنك الدولي عام ألفين وسبعة من أنّ العالم العربي بحاجة إلى استحداث مئة مليون وظيفةٍ بحلول عام ألفين وعشرين، فوجئت بهذه المعلومة الصادمة التي اعتملت في ذهني وأنا أتفحّصها باهتمام حتى اختمرت في رأسي فكرة بلورة مبادرة سرعان ما نضجت وتجسّدت في ولادة مؤسسة "صلتك" عام ألفين وثمانية.
وقد أطلقناها خلال منتدى تحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة في إسبانيا لتنهض لاحقاً مع شركائها بعملٍ كبيرٍ يستحقّ الاحتفاء. وكان أن تعمّق اهتمامي المبكّر بتنمية وتمكين الشباب، عندما تبيّن لي في العقد الأول من الألفية الثالثة أنّ الفئة العمرية ما بين خمسة عشر وتسعةٍ وعشرين عاماً تمثّـل نحو ثلث سكان الوطن العربي، أي طاقته التنموية، إلا إنها، في واقع الحال، من وجهة نظر الكثيرينتشكل عبئاً اقتصادياً ونقمةً ديموغرافية.
حينها شعرت بأننا أمام تحدٍّ لا يستهان به في كيفية استيعاب هذا العدد الكبير من الشباب، وفتح آفاقٍ تليق بما يمثلونه من طاقةٍ وأمل. ومما يضخّم حجم التحدي أنّ عام ألفين وعشرين مرّ دون تحقيق الهدف المرتجى بتوفير مئة مليون وظيفةٍ للشباب أو حتى واحدٍ وخمسين مليون وظيفةٍ كحدٍّ أدنى لمجردّ الحفاظ على معدل البطالة وقتها، وفقاً لتقرير التنمية البشرية العربية الصادر عام 2009 عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
وسعياً لاحتواء تداعيات مثل هذا الواقع، انطلقت مؤسسة صلتك أصلاً كمبادرةٍ استباقيةٍ لما شهدته المنطقة العربية من تحولات. وواجهت "صلتك" حينها تحدياتٍ كبيرةً دفعتـنا إلى بذل جهدٍ أكبر لبناء شراكاتٍ فعالةٍ مع المنظمات غير الحكومية في العديد من الدول التي كانت تعاني من عدم الاستقرار.
وفي عام 2019 أعلنّا عن التزامنا بتأمين فرص عملٍ لخمسة ملايين شابٍ وشابة حتى عام 2022، ولكنّ ظروفاً قاهرة ناتجة عن التعقيدات العالمية والإقليمية حالت دون الوفاء بتحقيق الهدف كاملاً في موعده.
وعليه، يسرّني أن أعلن اليوم، باعتزاز، أنّ برنامج صلتك قد تجاوز بالتزاماته التعاقدية خمسة ملايين مستفيد.
وما كان لهذا الإنجاز أن يتحقق لولا الإيمان العميق برسالتنا، والعمل الدؤوب لشركائنا، والصمود الذي ظهرت عليه المجتمعات التي نخدمها.
ومن هنا أدعو إلى عدم التوقف عند الرقم خمسة ملايين طموحاً، وأشدد على الدعوة إلى تكاتف الجهود للإنخراط في عملٍ جماعيٍّ يمكّننا من تخفيض نسبة البطالة بالقدر الذي يتناسب مع حجم التحدي.
وهذا هو جوهر الاستثمار الحقيقي في الشباب والمستقبل.
وبهذا فقط نستطيع أن نحوّل هذه الفئة من عبءٍ وتكلفةٍ اقتصادية إلى عائدٍ ونعمةٍ ديموغرافية.
والسلام عليكم.