Doha، قطر، 25 نوفمبر 2025
وسوم : مؤتمر وايز
صاحبة السمو تكرم الفائزين بجائزة "وايز" للتعليم

 اختتمت قمة "وايز 12" أعمالها اليوم بعد سلسلة من الحوارات، وإطلاق تقارير بحثية عالمية، وورش عمل رفيعة المستوى، تناولت جميعها أبرز التحديات والفرص الملحّة في قطاع التعليم، بدءاً من الاستعداد للتعامل مع الذكاء الاصطناعي والرفاهية الرقمية، وصولاً إلى التعلم المتجذر ثقافياً والابتكار الكمّي. وبحضور نخبة من القادة الحكوميين والأكاديميين وممثلي المجتمع المدني وقطاع التكنولوجيا في الدوحة، رسخت القمة مجدداً مكانة "وايز"، إحدى مبادرات مؤسسة قطر، كمنصة عالمية رائدة لاستشراف مستقبل التعليم.  

ومع تقدم فعاليات اليوم، تبلور هذا الحوار العالمي الواسع ليتحول إلى رؤية مركزة حول كيفية ترجمة الابتكار إلى تغيير ملموس وقابل للتوسع. وقد تجلى ذلك بوضوح في الجلسة الحوارية رفيعة المستوى التي حملت عنوان "توسيع نطاق أدوات الذكاء الاصطناعي من أجل تحقيق أثر"، والتي جمعت كلاً من ستافروس يانوكا، الرئيس التنفيذي لمبادرة "وايز"؛  نيفيس سيغوفيا بونيت، رئيسة مجموعة إس إي كيه التعليمية؛ وفيرناندو دياز ديل كاستيلو، رئيس التعليم بشركة مينتو؛ وخوسيه رافائيل إسبينوزا، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة منتو؛ وخافيير غونزاليس، الرئيس التنفيذي لمؤسسة سوما، إلى جانب شركاء عالميين آخرين. وتمحورت مناقشاتهم حول واقع تبني أدوات الذكاء الاصطناعي في الوزارات، وأهمية "حوكمة البيانات"، وضرورة تمكين المعلمين في ظل الدخول المتسارع لأدوات الذكاء الاصطناعي إلى مساحات التعلم الرسمية وغير الرسمية. 

وقد مهدت هذه النقاشات الطريق نحو تأملات أوسع حول القيمة العملية لتكنولوجيا التعليم في تعزيز النظم التعليمية، حيث أكد المتحدثون أن النجاح مرهون دائماً بالمواءمة مع المناهج الوطنية، وبناء ثقة المعلمين، والتكيف مع الواقع المتنوع للمدارس، مما يعزز الموضوع الرئيسي الذي تخلل القمة بأكملها: "يجب أن يظل الابتكار متمحوراً على التجربة اليومية للمعلمين والمتعلمين".  

وبناءً على هذا المنظور الشامل، استضافت وايز حفل إطلاق التقرير العالمي لرصد التعليم الصادر عن اليونسكو وبالتعاون مع وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي. وقد قدم التقرير رؤى جديدة حول الاتجاهات العالمية في مجالات الدمج، والإنصاف الرقمي، والمرونة، وتمويل التعليم، وذلك بمشاركة الدكتورة أسماء الفضالة، مدير البحوث وتطوير المحتوى في وايز؛ والسيدة نوف السويدي، الأمين العام للجنة الوطنية القطرية للتربية والثقافة والعلوم؛ والسيد مانوس أنتونينيس، مدير التقرير العالمي لرصد التعليم؛ والدكتور خالد البلوشي، الخبير الثقافي الأول في اللجنة الوطنية القطرية للتربية والثقافة والعلوم. 

وفي تعليقها على ذلك، قالت الدكتورة أسماء الفضالة: "إن تمكين قادة المدارس يبدأ باحترام تنوع بيئاتهم. إن البرنامج الممتد لعام كامل، والذي تم تصميمه بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي ومدارس مؤسسة قطر، ينقل القادة من النظرية إلى الممارسة التطبيقية، مانحاً المعلمين الوقت والدعم الذي يحتاجونه للتجريب بثقة ضمن مساحة آمنة وتشاركية".  

واستمراراً لهذا التركيز الاستشرافي، ناقشت جلسة "التكنولوجيا المتقدمة والحوسبة الكمومية" كيف ستشكل تقنيات الجيل القادم اقتصادات التعلم المستقبلية. حيث ناقش المشاركون في الجلسة كيف ستحدد مهارات العصر الكمي، وجاهزية الأنظمة، والتعليم متعدد التخصصات معالم التنافسية الوطنية في العقود المقبلة.  

وقال ماثيو كام، الباحث في جوجل: "إن وظائف المستقبل لن تظهر من تلقاء نفسها. ولكن من خلال تطبيق عملية لاستشراف تلك الأدوار ثم تعديل قاعدة المهارات والمعرفة وفقاً لذلك، يمكننا البدء بتدريب الأفراد اليوم لبناء البرمجيات، وتدريب النماذج اللغوية الصغيرة، وتشكيل البنية التحتية للذكاء الاصطناعي التي يتطلبها الغد". وقد شدد النقاش على الحاجة الملحة لنماذج تعلم جديدة تواكب التغير التكنولوجي المتسارع، خاصة مع مواجهة المسارات التقليدية – كالتعليم المدرسي، والجامعي، وتدريب الموظفين – صعوبة في التطور بالسرعة المطلوبة.  

واستمر التركيز على الجاهزية للمستقبل في جلسة أخرى ناقشت الذكاء الاصطناعي كأدوات للمعلمين، بمشاركة الدكتورة أيكاتيريني باجياتي، باحث رئيسي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا للتعليم المفتوح؛ وإيلين ماتوفو، الشريك المؤسس لمدرسة نورث جرين؛ ومارجو تريبسا، أخصائي التطوير المهني في معهد التطوير التربوي التابع لمؤسسة قطر. وناقش المتحدثون بيانات جديدة حول جاهزية المعلمين، وفاعلية أدوات التطوير المهني المدعومة بالذكاء الاصطناعي، ومخاطر تفاقم عدم المساواة في حال غياب التصميم المتعمد. وقالت الدكتورة مارجو تريبسا: "الزخم لا يستمر بالدورات التدريبية وحدها؛ نحن بحاجة إلى هيكلية، وقيادة، ودعم بالسياسات". 

وإضفاءً للعمق الإقليمي على فعاليات اليوم، سلطت جلسة نقاشية عُقدت باللغة العربية بعنوان "التعليم في ظل النزاع: التكيف والمقاومة وتنمية رأس المال البشري"، والتي أدارتها الدانة السميط، منسق البرامج في "وايز" ، الضوء على الاستجابات التي يقودها المجتمع، وبناء المرونة، والحاجة الملحة لأنظمة تعليمية قادرة على الصمود في وجه الاضطرابات السياسية والإنسانية. 

وفي ختام هذه المسارات المتنوعة، ألقى الدكتور أبهيجيت بانيرجي، الحائز على جائزة نوبل، كلمة رئيسية ملهمة خلال الجلسة الختامية للقمة، دعا فيها القادة إلى إعادة التفكير في كيفية تقييم وقياس رأس المال البشري في عصر يتسم بعدم المساواة، والاضطرابات، والتقنيات الناشئة. 

وقال بانيرجي: "إن الحماس الذي نراه اليوم ينبع من حقيقة بسيطة ولكنها تحويلية: يمكن لجميع الأطفال التعلم إذا لاقيناهم حيث هم. وبينما ندمج الذكاء الاصطناعي والتقنيات الجديدة في التعليم، فإن المكاسب الحقيقية ستأتي من ضبط التفاصيل بدقة وتصميم أدوات تعمّق التعلم بدلاً من اختزاله".  

كما شهدت الجلسة الختامية كلمات لكل من الدكتور ستافروس يانوكا، الرئيس التنفيذي ل"وايز"، والدكتورة آسيا كاظمي، الرئيس التنفيذي المُعين ل "وايز"، اللذين أكدا على الترابط بين موضوعات القمة – من التكنولوجيا المتقدمة إلى الهوية الثقافية – وجددا التأكيد على الالتزام العالمي المشترك ببناء منظومات تعليمية تتمحور حول الإنسان، وتتسم بالإنصاف، وتواكب المستقبل.  

وفي كلمته الختامية كرئيس تنفيذي لـ "وايز"، استعرض ستافروس يانوكا مخرجات القمة التي جمعت آلاف المشاركين عبر أكثر من 150 جلسة، قائلاً: "يجب أن يظل التعليم مسعى إنسانياً عميقاً، حتى ونحن ندخل ذكاءً جديداً وقوياً إلى منازلنا وفصولنا الدراسية. هذه الأدوات يجب أن تخدم قيمنا وتدعم الازدهار البشري".  

وعلى صعيد متصل، سلطت الدكتورة آسيا كاظمي الضوء على منظومة "وايز" المتطورة، بدءاً من الأبحاث العالمية، وصولاً إلى برنامج "وايز" لتطوير تكنولوجيا التعليم، وبرنامج "وايز" للمدارس الحاضنة للابتكار – جميعها مصممة لضمان بقاء الابتكار متمحوراً حول الإنسان، وهادفاً، ومرتكزاً على الأثر الواقعي. 

واختتمت الدكتورة آسيا قائلة: "نحن في لحظة واعدة للغاية، ولكنها قد تحمل خطراً عظيماً بالقدر ذاته. ومع تسارع التطورات الرقمية، تكمن مسؤوليتنا في ضمان بقاء الابتكار متمحوراً حول الإنسان، وأن يتحول العمل الذي نقوم به فيما بين القمم من مجرد وعد إلى تقدم حقيقي لكل متعلم".